الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَبِيصَةُ أَرَاهُ قَدْ رَفَعَهُ قَالَ لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ عَبْدِي فَكُلُّكُمْ عَبْدٌ وَلَكِنْ لِيَقُلْ فَتَايَ. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِي الْعَلاَءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى الْحُرَقَةِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي فَكُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ وَكُلُّكُمْ إمَاءُ اللَّهِ وَلَكِنْ لِيَقُلْ غُلاَمِي وَجَارِيَتِي وَفَتَايَ وَفَتَاتِي.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ لِمَمْلُوكِهِ عَبْدِي وَلاَ لِمَمْلُوكَتِهِ أَمَتَهُ وَأَمْرُهُ إيَّاهُ أَنْ يَقُولَ مَكَانَ ذَلِكَ فَتَايَ وَفَتَاتِي. فَقَالَ قَائِلٌ كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا وَقَدْ جَاءَ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِإِطْلاَقِ مَا حَظَرَهُ هَذَا الْحَدِيثُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّا نُصَحِّحُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَلاَ نَجْعَلُ بَعْضَهُ مُخَالِفًا لِبَعْضِ, وَنَجْعَلُ مَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ إنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَبِيصَةُ أَرَاهُ قَدْ رَفَعَهُ قَالَ لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ رَبِّي يَعْنِي لِمَالِكِهِ وَلْيَقُلْ سَيِّدِي. فَقَالَ قَائِلٌ فَكَيْف تَقْبَلُونَ هَذَا حَتَّى تَمْنَعُوا الْمَمَالِيكَ عَنْ قَوْلِهِمْ هَذَا لِمَالِكِيهِمْ وَقَدْ جَاءَ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى بِإِطْلاَقِ مِثْلِ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا حَكَاهُ عَنْ نَبِيِّهِ يُوسُفَ صلى الله عليه وسلم فِي تَعْبِيرِهِ الرُّؤْيَا الَّتِي اقْتَضَتْ عَلَيْهِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ قَوْلَ يُوسُفَ صلى الله عليه وسلم هَذَا إنَّمَا هُوَ عَلَى الْخِطَابِ مِنْهُ لِمَنْ كَانَ يُسَمِّي الَّذِي اقْتَصَّ رُؤْيَاهُ عَلَيْهِ رَبًّا فَخَاطَبَهُ بِذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ عِنْدَهُ عَلَيْهِ لاَ أَنَّهُ عِنْدَ يُوسُفَ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ وَهَكَذَا قَوْلُ مُوسَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلسَّامِرِيِّ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ فِي ضَالَّةِ الإِبِلِ مَا لَك وَلَهَا؟, مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا. حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الْبَهَائِمَ غَيْرُ مُتَعَبَّدَةٍ كَمَا بَنُو آدَمَ مُتَعَبَّدُونَ فَكَانَ الْبَهَائِمُ بِذَلِكَ بِمَعْنَى الأَمْتِعَةِ الَّتِي جَائِزٌ إضَافَتُهَا إلَى مَالِكِيهَا وَأَنَّهُمْ أَرْبَابٌ لَهَا. وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ قَوْلِهِ لِهُنَيٍّ مَوْلاَهُ لَمَّا بَعَثَهُ عَلَى الْحِمَى وَاتَّقِ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَرَبَّ الْغُنَيْمَةِ. حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه وَدَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى اخْتِلاَفِ الْمَمْلُوكِينَ فِي الآدَمِيِّينَ وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ فِيمَا ذَكَرْنَا. وَقَدْ قَالَ قَائِلٌ إنَّمَا نُهِيَ الْمَمْلُوكُونَ مِنْ الآدَمِيِّينَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ لِمَنْ يَمْلِكُهُمْ لأَنَّهُمْ قَدْ دَخَلُوا فِي الْمِيثَاقِ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ عَلَى بَنِي آدَمَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَالنَّاسُ يَجُبُّونَ أَسَنَامَ الإِبِلِ وَيَقْطَعُونَ أَلْيَاتِ الْغَنَمِ فَقَالَ مَا قُطِعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ وَمِسْوَرُ بْنُ الصَّلْتِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ الْمِسْوَرُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ جِبَابِ أَسْنِمَةِ الإِبِلِ وَأَلْيَاتِ الْغَنَمِ فَقَالَ مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ. فَقَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ مَا يُوجِبُ أَنَّ مَا قُطِعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ مِنْ شَعْرٍ أَوْ صُوفٍ وَهِيَ حَيَّةٌ أَنَّهُ مَيِّتٌ وَكِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَدْفَعُ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ رَوَيْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ لاَ يُخَالِفُ مَا فِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا فِيهِ لأَنَّ الَّذِي فِي ذَيْنِك الْحَدِيثَيْنِ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَسَنَامِ الإِبِلِ وَعَلَى أَلْيَاتِ الْغَنَمِ الْمَقْطُوعَةِ مِنْهَا وَهِيَ أَحْيَاءٌ مِمَّا لَوْ مَاتَتْ قَبْلَ ذَلِكَ مَاتَتْ تِلْكَ الأَشْيَاءُ بِمَوْتِهَا, وَالشَّعْرُ وَالصُّوفُ وَالأَوْبَارُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ لأَنَّهَا لاَ تَمُوتُ بِمَوْتِهَا, وَلأَنَّ الأَسْنِمَةَ وَالأَلْيَاتِ تُرَى فِيهَا صِفَاتُ الْمَوْتِ بِمَوْتِ مَنْ هِيَ مِنْهُ مِنْ فَسَادِهَا وَتَغَيُّرِ رَوَائِحِهَا, وَالصُّوفُ وَالشَّعْرُ وَالأَوْبَارُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ لأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَعْدُومٌ فِيهَا, فَمَا كَانَ مِمَّا يَحْدُثُ صِفَاتُ الْمَوْتِ فِيهِ بِحُدُوثِهِ فِيمَا هُوَ مِنْهُ وَمِنْ الأَسْنِمَةِ وَمِنْ الأَلْيَاتِ فَلَهُ حُكْمُ مَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَمَا لاَ يَحْدُثُ فِيهِ مِنْ صِفَاتِ الْمَوْتِ بِمَوْتِ مَا هُوَ كَائِنٌ فِيهِ كَانَ خَارِجًا مِنْ ذَلِكَ وَدَاخِلاً فِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا. وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مُرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ مَيْتَةٍ قَدْ كَانَ أَعْطَاهَا مَوْلاَةً لِمَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَهَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهَا مَيْتَةٌ قَالَ إنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا. وَمِمَّا حَدَّثَنَا يُونُسُ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنَا ابْن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ إنَّمَا حَرُمَ لَحْمُهَا.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِي حَرُمَ مِنْ الشَّاةِ بِمَوْتِهَا إنَّمَا هُوَ الْمَأْكُولُ مِنْهَا فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَا سِوَى الْمَأْكُولِ مِنْهَا لَمَّا لَمْ يَحْرُمْ مِنْهَا بَاقٍ بَعْدَ مَوْتِهَا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهَا فَكَانَ فِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مَعْنَى الْحَدِيثَيْنِ الأَوَّلَيْنِ وَعَلَى مَا يَحْرُمُ بِالْمَوْتِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَعَلَى مَا لاَ يَحْرُمُ بِالْمَوْتِ مِنْهَا وَأَنَّ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثَيْنِ الَّذِينَ رَوَيْنَا غَيْرُ خَارِجٍ مِنْ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا, وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَزُورُ الأَنْصَارَ فَإِذَا جَاءَ إلَى دُورِ الأَنْصَارِ جَاءَ صِبْيَانُ الأَنْصَارِ يَدُورُونَ حَوْلَهُ فَيَدْعُوا لَهُمْ وَيَمْسَحُ رُءُوسَهُمْ وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ فَأَتَى إلَى بَابِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَرَدَّ سَعْدٌ فَلَمْ يَسْمَعْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاَ يَزِيدُ فَوْقَ ثَلاَثِ تَسْلِيمَاتٍ فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا انْصَرَفَ فَرَجَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ سَعْدٌ مُبَادِرًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا سَلَّمْتَ تَسْلِيمَةً إِلاَّ قَدْ سَمِعْتُهَا وَرَدَدْتُهَا وَلَكِنْ أَرَدْت أَنْ تُكْثِرَ عَلَيْنَا مِنْ السَّلاَمِ وَالرَّحْمَةِ فَادْخُلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَدَخَلَ فَجَلَسَ فَقَرَّبَ إلَيْهِ سَعْدٌ طَعَامًا فَأَصَابَ مِنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْصَرِفَ قَالَ أَكَلَ طَعَامَكُمْ الأَبْرَارُ وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلاَئِكَةُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَعْلِيمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ أَنْ لاَ يَزِيدُوا فِي السَّلاَمِ عِنْدَ وُقُوفِهِمْ عَلَى الأَبْوَابِ عَلَى ثَلاَثِ مَرَّاتٍ لأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلِمُ الْمُسَلِّمَ أَنَّ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ مَنْ يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ سَلاَمَهُ عَلَيْهِ مِنْ الرِّجَالِ فَيَنْتَظِرُهُ أَوْ أَنَّ فِيهِ مَنْ لاَ يَجُوزُ مِنْهُ رَدُّ السَّلاَمِ عَلَيْهِ مِنْ النِّسَاءِ فَيَنْصَرِفُ, وَهَذِهِ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ وَأَدَبٌ حَسَنٌ لاَ يَنْبَغِي تَعَدِّيهِمَا إلَى غَيْرِهِمَا, وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْر بْنِ الأَشَجِّ أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَقُولُ كُنَّا فِي مَجْلِسٍ عِنْدَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَجَاءَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ مُغْضَبًا حَتَّى وَقَفَ فَقَالَ أَنْشُدُكُمْ اللَّهَ هَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الاِسْتِئْذَانُ ثَلاَثٌ فَإِنْ أُذِنَ لَك وَإِلَّا فَارْجِعْ فَقَالَ أُبَيٌّ وَمَا ذَاكَ قَالَ اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَمْسِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْت ثُمَّ جِئْتُهُ الْيَوْمَ فَدَخَلْت عَلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي جِئْتُهُ أَمْسِ فَسَلَّمْت ثَلاَثًا ثُمَّ انْصَرَفْت فَقَالَ قَدْ سَمِعْنَاك وَنَحْنُ حِينَئِذٍ عَلَى شُغْلٍ فَلَوْ مَا اسْتَأْذَنْتَ حَتَّى يُؤْذَنَ لَك قَالَ اسْتَأْذَنْتَ كَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فَقَالَ وَاَللَّهِ لاََضْرِبَنَّ بَطْنَك وَظَهْرَك أَوْ لَتَأْتِيَنِّي بِمَنْ يَشْهَدُ لَك عَلَى هَذَا فَقَالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ فَوَاَللَّهِ لاَ يَقُومُ مَعَك إِلاَّ أَحْدَثُنَا سِنًّا الَّذِي يُجِيبُك قُمْ يَا أَبَا سَعِيدٍ فَقُمْتُ حَتَّى أَتَيْتُ عُمَرَ رضي الله عنه فَقُلْتُ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هَذَا. حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ وَسَعِيدٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ الأَزْدِيَّ أَبَا مسلمة قَالاَ سَمِعْنَا أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ جَاءَ أَبُو مُوسَى فَاسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَاحِدَةً ثُمَّ اسْتَأْذَنَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ الثَّالِثَةَ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فَرَجَعَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَتَأْتِيَنِّي عَلَى مَا قُلْت بِبَيِّنَةٍ أَوْ لاََفْعَلَنَّ بِك قَالَ فَأَتَى الأَنْصَارَ فَقَالَ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاَثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ فَقَالُوا لاَ يَشْهَدُ لَك إِلاَّ أَصْغَرُنَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَتَيْتُهُ فَحَدَّثْتُهُ. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَيْرَانَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ أَنْبَأَ شُعْبَةُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَزَادَ فَحَدَّثْتُهُ وَإِنَّ قَمِيصه لِيُصِيبَ رَأْسِي. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه وَكَانَ مَشْغُولاً بِبَعْضِ الأَمْرِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ قَالُوا رَجَعَ. قَالَ رُدُّوهُ فَجَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا؟ قَالَ كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا فِي الاِسْتِئْذَانِ ثَلاَثًا قَالَ لَتَأْتِيَنِّي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ لاََفْعَلَنَّ وَلاََفْعَلَنَّ قَالَ فَجَاءَ إلَى مَجْلِسِ الأَنْصَارِ فَأَخْبَرَهُمْ فَقَالُوا لاَ يَقُومُ مَعَك إِلاَّ أَصْغَرُنَا فَقَامَ مَعَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَجَاءَ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ عُمَرُ أَخَفِيَ عَلَيَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَشَغَلَنِي التَّسْوِيفُ بِالأَسْوَاقِ قَالَ إبْرَاهِيمُ وَجَدْت عَلَى ظَهْرِ كِتَابِي وَشَغَلَنِي التَّصْفِيقُ بِالأَسْوَاقِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهَذَا عِنْدَنَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِحَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مِنْ ذِكْرِ السَّلاَمِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ وَاَلَّذِي فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَدْ كَانَ مِنْ أَبِي مُوسَى قَبْلَ اسْتِئْذَانِهِ, وَتَرَكَ نَقْلَ ذَلِكَ رُوَاةُ هَذِهِ الآثَارِ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يُبْدَأَ بِالسَّلاَمِ قَبْلَ الاِسْتِئْذَانِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ. أَنَّ فَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ ثنا قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بْنُ حَرْبٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى الْقُرَشِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ جِئْتُ بَابَ عُمَرَ رضي الله عنه فَقُلْتُ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَيَدْخُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَقُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَيَدْخُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ؟ فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْت فَانْتَبَهَ عُمَرُ رضي الله عنه فَقَالَ عَلَيَّ أَبَا مُوسَى فَأَتَى فَقَالَ أَنَّى ذَهَبْت؟ فَقُلْت اسْتَأْذَنْت ثَلاَثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْت, سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِيَسْتَأْذِنْ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ عَلَى أَخِيهِ ثَلاَثًا فَإِنْ أُذِنَ لَهُ وَإِلَّا رَجَعَ قَالَ لِتَجِئْنِي عَلَى مَا قُلْتَ بِشَاهِدٍ أَوْ لَيَنَالَنَّكَ مِنِّي عُقُوبَةٌ, قَالَ فَخَرَجْت فَلَقِيت أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ نَعَمْ فَجَاءَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه يَا أَبَا الطُّفَيْلِ سَمِعْتَ مَا قَالَ أَبُو مُوسَى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ نَعَمْ وَأَعُوذُ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَكُونَ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَأَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ أَبَا مُوسَى قَدْ كَانَ ابْتَدَأَ بِالسَّلاَمِ قَبْلَ الاِسْتِئْذَانِ وَنَحْنُ نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّ أَبَا مُوسَى لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ رَأْيًا وَلاَ اسْتِنْبَاطًا وَلَكِنَّهُ فَعَلَهُ تَوْقِيفًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُ عَلَيْهِ لأَنَّ مِثْلَ هَذَا لاَ يُؤْخَذُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ وَلاَ اسْتِنْبَاطًا وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ جِهَةِ التَّوْقِيفِ, وَالتَّوْقِيفُ فَمِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوجَدُ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ قَائِلٌ فَفِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا تَقْدِيمُ الاِسْتِئْنَاسِ عَلَى السَّلاَمِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى تَقْدِيمُ السَّلاَمِ عَلَى الاِسْتِئْذَانِ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقٍ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي فِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا عِنْدَهُمْ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كَمِثْلِ مَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ كَلَدَةَ لَمَّا دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِغَيْرِ إذْنٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اُخْرُجْ أَوْ ارْجِعْ ثُمَّ قُلْ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ؟ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رُوِيَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي الاِسْتِئْنَاسِ. مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إيَاسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ ثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الاِسْتِئْنَاسُ هُوَ الاِسْتِئْذَانُ وَهُوَ فِيمَا أَحْسَبُ أَخْطَأَتْ يَدُ الْكَاتِبِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا كَلَدَةُ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ بَعَثَهُ زَمَنَ الْفَتْحِ أَوْ عَامَ الْفَتْحِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِلَبَنٍ وَجَدَايَةٍ وَضَغَابِيسَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأَعْلَى الْوَادِي فَدَخَلْت فَلَمْ أُسَلِّمْ وَلَمْ أَسْتَأْذِنْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اُخْرُجْ أَوْ ارْجِعْ ثُمَّ قُلْ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَمَعْنَى هَذَا عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ أَنَّ دُخُولَ كَلَدَةَ لَمَّا كَانَ بِلاَ سَلاَمٍ وَلاَ اسْتِئْذَانٍ دُخُولاً مَكْرُوهًا فَكَانَ جُلُوسُهُ عَلَى ذَلِكَ مَكْرُوهًا إذْ كَانَ سَبَبُهُ دُخُولاً مَكْرُوهًا فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْطَعَ أَسْبَابَ الدُّخُولِ الْمَكْرُوهِ وَأَنْ يَرْجِعَ فَيُسَلِّمَ وَيَسْتَأْذِنَ حَتَّى يَكُونَ دُخُولُهُ مَحْمُودًا وَيَكُونَ جُلُوسُهُ جُلُوسًا مَحْمُودًا, وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ النَّخَعِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ إذْنُك أَنْ يُرْفَعَ الْحِجَابُ وَتَسْتَمِعَ سِوَادِي يَعْنِي سِرِّي حَتَّى أَنْهَاك قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ سِوَادِي سِرَارِي. حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالاَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذْنُك عَلَيَّ أَنْ يُرْفَعَ الْحِجَابُ وَأَنْ تَسْتَمِعَ سِوَادِي حَتَّى أَنْهَاك إِلاَّ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ نَصْرٍ قَالَ قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْد وَقَالَ سِرَارِي. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ أَنْبَأَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْد، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَاخْتَلَفَ سُفْيَانُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ فِي إبْرَاهِيمَ رَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ سُفْيَانُ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ يَعْنِي الْفَقِيهَ وَقَالَ حَفْصٌ وَابْنُ إدْرِيسَ هُوَ ابْنُ سُوَيْد وَكِلاَهُمَا مِنْ النَّخَعِ وَاثْنَانِ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ وَاحِدٍ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَطْلَقَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَفْعَ الْحِجَابِ عَنْهُ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إذْنًا لَهُ يُغْنِيهِ عَنْ الاِسْتِئْذَانِ عِنْدَ إرَادَتِهِ الدُّخُولَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ ذَلِكَ يُسَلِّمُ كَمَا يُسَلِّمُ مَنْ يُرِيدُ الاِسْتِئْذَانَ سِوَاهُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ أَنْبَأَ سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إذَا دُعِيَ أَحَدٌ فَجَاءَ مَعَ الرَّسُولِ فَذَلِكَ إذْنٌ لَهُ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ وَحَبِيبٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: رَسُولُ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ إذْنُهُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا أَحْسَنَ مَا خَرَجَ مِمَّا يَحْتَمِلُهُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ, يَعْنِي الْمُرْسَلَ إلَيْهِ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْجَائِي بِلاَ رِسَالَةٍ مِنْ السَّلاَمِ وَالاِسْتِئْذَانِ جَمِيعًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ الَّذِي يُرِيدُ دُخُولَهُ; لأَنَّهُ إذَا جَاءَ بِرِسَالَةٍ مِنْ صَاحِبِ الْبَيْتِ إلَيْهِ مَعَ رَسُولِهِ, وَكَانَ الاِسْتِئْذَانُ مِمَّا لاَ بُدَّ لِلرَّسُولِ مِنْهُ إذْ كَانَ بِغَيْرِ الأَحْوَالِ مِنْ الْمُرْسِلِ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ عَلَيْهِ; لأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرْسَلَهُ لِمَا أَرْسَلَهُ فِيهِ, وَهُوَ عَلَى حَالٍ لاَ يَكُونُ أَنْ يَرَاهُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَجِيءُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ تِلْكَ الْحَالِ فَيَحْتَاجُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ إلَى الاِسْتِئْذَانِ عَلَيْهِ ثَانِيَةً لِهَذَا الْمَعْنَى, وَكَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ يُغْنِي عَنْ الاِسْتِئْذَانِ وَعَنْ السَّلاَمِ بِاسْتِئْذَانِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَسَلاَمِهِ; لأَنَّ الْمُرْسِلَ يَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَهُ لَمَّا عَادَ إلَيْهِ عَادَ عَلَى إحْدَى مَنْزِلَتَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي أَرْسَلَهُ لِمَحَبَّةٍ بِهِ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْهُ فَيَدْخُلُ إلَيْهِ رَسُولُهُ بَعْدَ سَلاَمٍ وَاسْتِئْذَانٍ قَدْ كَانَا مِنْهُ قَبْلَ دُخُولِهِ عَلَيْهِ, أَوْ يَكُونُ مَعَهُ فَيَكُونُ قَدْ تَقَدَّمَ إذْنُهُ لَهُ أَنْ يَجِيئَهُ بِهِ, فَجَاءَ بِهِ فَدُخُولُهُ عَلَيْهِ بِاسْتِئْذَانِ الرَّسُولِ يُغْنِي عَنْ سَلاَمِهِ وَعَنْ اسْتِئْذَانِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ, ثُمَّ يُسَلِّمُ بَعْدَ ذَلِكَ سَلاَمًا لِلْمُلاَقَاةِ فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا يُخَالِفُ هَذَا فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُجَاهِدٌ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَدْعُو لَهُ أَهْلَ الصُّفَّةِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذُكِرَ فِيهِ فَدَعَوْتُهُمْ فَجَاءُوا فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ. قَالَ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِئْذَانُ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَقَدْ جَاءُوا بِرِسَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَيْهِمْ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتِئْذَانَهُمْ, وَيَقُولُ لَهُمْ قَدْ كُنْتُمْ عَنْ هَذَا أَغْنِيَاءَ بِمَجِيئِكُمْ مَعَ رَسُولِي إلَيْكُمْ أَنْ تَجِيئُونِي فَهَذَا خِلاَفُ الْحَدِيثِ الأَوَّلِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي عِنْدَنَا فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى مَجِيءِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ مَعَ الرَّسُولِ إلَيْهِ, فَذَلِكَ مُغْنٍ لَهُ عَنْ الاِسْتِئْذَانِ عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ, وَالْحَدِيثُ الثَّانِي إنَّمَا فِيهِ مَجِيءُ أَهْلِ الصُّفَّةِ بِغَيْرِ ذِكْرٍ فِيهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ مَعَهُمْ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا سَبَقُوا فَجَاءُوا دُونَهُ, فَاحْتَاجُوا إلَى الاِسْتِئْذَانِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ كَذَلِكَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَقْبَلُوا حَتَّى اسْتَأْذَنُوا فَأُذِنَ لَهُمْ, وَلَمْ يَقُلْ فَأَقْبَلْنَا فَاسْتَأْذَنَّا فَأُذِنَ لَنَا, فَلَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ وَاحِدٌ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مُخَالِفًا لِلآخَرِ. وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ عَنْ طَارِقٍ قَالَ كُنَّا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَجَاءَ إذْنُهُ فَقَالَ: قَدْ قَامَتْ الصَّلاَةُ فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ فَرَأَى النَّاسَ رُكُوعًا فِي مُقَدِّمِ الْمَسْجِدِ فَكَبَّرَ وَرَكَعَ وَمَشَى, وَفَعَلْنَا مِثْلَ مَا فَعَلَ فَمَرَّ رَجُلٌ مُسْرِعٌ فَقَالَ عَلَيْك السَّلاَمُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ فَلَمَّا صَلَّيْنَا رَجَعَ فَوَلَجَ أَهْلَهُ وَجَلَسْنَا مَكَانَنَا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَخْرُجَ فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ أَيُّكُمْ يَسْأَلُهُ, فَقَالَ طَارِقٌ: أَنَا أَسْأَلُهُ فَسَأَلَهُ طَارِقٌ فَقَالَ سَلَّمَ الرَّجُلُ عَلَيْك فَرَدَدْت عَلَيْهِ صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَ رَسُولُهُ قَالَ فَرَوَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ تَسْلِيمُ الْخَاصَّةِ وَفَشْوُ التِّجَارَةِ حَتَّى تُعِينَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى التِّجَارَةِ وَقَطْعُ الأَرْحَامِ وَظُهُورُ شَهَادَةِ الزُّورِ وَكِتْمَانُ شَهَادَةِ الْحَقِّ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ الْمُنْقِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ مَسْرُوقٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ بَيْنَهُمَا فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْك يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ فَضَحِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ مِمَّ تَضْحَكُ فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ السَّلاَمَ بِالْمَعْرِفَةِ, وَأَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بِالْمَسْجِدِ ثُمَّ لاَ يُصَلِّي فِيهِ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَبَّارُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَسْرُوقٍ أَوْ غَيْرِهِ كَذَا قَالَ عُمَرُ قَالَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ رَجُلٌ وَابْنُ مَسْعُودٍ فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ رَجُلٌ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْك يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَهُ: وَعَلَيْك اللَّهُ أَكْبَرُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ لاَ يُسَلِّمَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ إِلاَّ لِمَعْرِفَةٍ أَوْ مِنْ مَعْرِفَةٍ, أَوْ أَنْ يَمُرَّ بِالْمَسْجِدِ عَرْضِهِ وَطُولِهِ ثُمَّ لاَ يُصَلِّيَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَمِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُطَاوِلَ الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ أَوْ قَالَ الْعُرَاةُ الْحُفَاةُ فِي بُنْيَانِ الْمَدَرِ وَأَنْ يَبْعَثَ الشَّابُّ الشَّيْخَ بَرِيدًا بَيْنَ الآُفُقَيْنِ فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَدِّ السَّلاَمِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ رَدًّا خَاصًّا بِقَوْلِهِ وَعَلَيْك السَّلاَمُ وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادِ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْنُ مَعَهُ إذْ دَخَلَ رَجُلٌ كَالْبَدَوِيِّ فَصَلَّى فَأَخَفَّ صَلاَتَهُ, ثُمَّ انْصَرَفَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْكَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ, وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ وَاللَّيْثُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْمُقُهُ فَلَمَّا فَرَغَ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ وَعَلَيْك مِنِّي السَّلاَمُ فَارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ, وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ (ح) وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ, قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْقَيْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ الْعَدَوِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ فِي حَدِيثِ إسْلاَمِهِ, قَالَ فَانْتَهَيْت إلَيْهِ يَعْنِي إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ صَلَّى هُوَ وَصَاحِبُهُ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَكُنْت أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ أَهْلِ الإِسْلاَمِ, فَقَالَ: وَعَلَيْك وَرَحْمَةُ اللَّهِ. قَالَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي رَدِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّلاَمَ رَدًّا خَاصًّا لَمْ يَعُمَّ بِهِ الْمُسَلِّمَ وَغَيْرَهُ مِنْ النَّاسِ مِمَّا تُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ السَّلاَمُ يَكُونُ سَلاَمًا خَاصًّا لِمَنْ يُرِيدُ الْمُسَلِّمُ بِهِ السَّلاَمَ عَلَيْهِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ لاَ يُرِيدُ السَّلاَمَ عَلَيْهِ, فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الْمُسَلِّمَ عَلَى الْوَاحِدِ مِنْ الْجَمَاعَةِ قَدْ كَانَ عليه السلام عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْجَمَاعَةِ كَمَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِلَّذِي سَلَّمَ عَلَيْهِ, فَاخْتِصَاصُهُ ذَلِكَ الْوَاحِدَ بِذَلِكَ السَّلاَمِ دُونَ بَقِيَّتِهِمْ ظُلْمٌ مِنْهُ لِبَقِيَّتِهِمْ; لأَنَّ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَهُ, وَالرَّدُّ مِنْ الْمُسْلِمِ, فَإِنَّمَا هُوَ رَدٌّ عَنْ نَفْسِهِ لاَ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ رَدٌّ عَنْ جَمَاعَةٍ هُوَ مِنْهُمْ كَمَا يَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ مِمَّا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ مِنْهُ, فَالرَّدُّ هُوَ عَلَى وَاحِدٍ فَجَازَ أَنْ يُخْتَصَّ بِهِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ النَّاسِ فَيُقَالُ لَهُ: وَعَلَيْك وَالسَّلاَمُ مِنْ الْجَائِي الْجَمَاعَةَ فَسَلاَمٌ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعُمَّ بِهِ الْجَمَاعَةَ فَإِذَا قَصَدَ بِهِ إلَى أَحَدِهَا كَانَ قَدْ قَصَّرَ بِبَقِيَّتِهَا عَنْ الْوَاجِبِ كَانَ لَهَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ. وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمْ يُجِبْهُ فَلَمَّا فَرَغَ أَتَاهُ فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا, فَذَلِكَ سَلاَمٌ خَاصٌّ وَهُوَ عِنْدَنَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ; لأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحْدَهُ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ. فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي ذَكَرْت أَبُو هِلاَلٍ الرَّاسِبِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ فَخَالَفَ سُلَيْمَانَ بْنَ الْمُغِيرَةِ فِيهِ فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ جَنَّادٍ الْبَغْدَادِيُّ, قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِلاَلٍ الرَّاسِبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ قَالَ لِي أَبُو ذَرٍّ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ إسْلاَمِهِ قَالَ: فَقُلْت السَّلاَمُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَعَلَيْك قَالَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ سَلاَمُ أَبِي ذَرٍّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَلاَمًا خَاصًّا, وَقَدْ كَانَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى مَا فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الَّذِي رَوَيْتُهُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو ذَرٍّ كَانَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَشَاغِلٌ إمَّا بِصَلاَةٍ وَإِمَّا بِطَوَافٍ بِالْبَيْتِ; لأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ بِمَكَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى السَّلاَمِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه, وَكَانَتْ بِهِ الْحَاجَةُ إلَى السَّلاَمِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَصَدَ بِسَلاَمِهِ إلَيْهِ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ لِمَنْ جَاءَ إلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ أَنْ يَكُونَ سَلاَمُهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَيْك بِخِلاَفِ مَا يَكُونُ سَلاَمُهُ لَوْ جَاءَ إلَى رَجُلٍ فِي جَمَاعَةٍ فِي سَلاَمِهِ الَّذِي يَعُمُّهُمْ, وَإِيَّاهُ بِهِ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ غِرَارَ فِي صَلاَةٍ وَلاَ تَسْلِيمٍ وَسَمِعْت عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْغِرَارُ النُّقْصَانُ وَحَكَاهُ عَنْ الْكِسَائِيّ قَالَ وَاحْتَجَّ أَبُو عُبَيْدٍ لِذَلِكَ بِقَوْلِ الْفَرَزْدَقِ فِي مَرْثِيَّتِهِ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ إنَّ الرَّزِيَّةَ مِنْ ثَقِيفٍ هَالِكٌ تَرَكَ الْعُيُونَ وَنَوْمُهُنَّ غِرَارُ أَيْ قَلِيلٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَمَعْنَاهُ فِي الصَّلاَةِ النُّقْصَانُ لِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَطَهُورِهَا وَفِي السَّلاَمِ نَرَاهُ أَنْ يَقُولَ السَّلاَمُ عَلَيْك أَوْ يَرُدَّ فَيَقُولَ وَعَلَيْك وَلاَ يَقُولَ " وَعَلَيْكُمْ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي السَّلاَمِ بِخِلاَفِ مَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَيَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ نُقْصَانَ الْجَمَاعَةِ مِنْ السَّلاَمِ عَلَيْهِمْ وَالْقَصْدُ مَكَانَ ذَلِكَ بِالسَّلاَمِ عَلَى أَحَدِهِمْ وَلَيْسَ رَدُّ السَّلاَمِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ لِ مَا قَدْ ذَكَرنَا مِمَّا يُوجِبُ اخْتِلاَفَ حُكْمِ السَّلاَمِ وَرَدَّ السَّلاَمِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَزْدِيُّ الْحِيرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد الأَسَدِيُّ جَمِيعًا قَالاَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إنَّ لِي مَالاً وَعِيَالاً وَإِنَّ لأَبِي مَالاً وَعِيَالاً وَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مَالِي إلَى مَالِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيك. فَسَأَلْت أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْعَبَّاسِ عَنْ الْمُرَادِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ الْمُرَادُ بِهِ مَوْجُودٌ فِيهِ, وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِيهِ أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيك فَجَمَعَ فِيهِ الاِبْنَ وَمَالَ الاِبْنِ فَجَعَلَهُمَا لأَبِيهِ فَلَمْ يَكُنْ جَعْلُهُ إيَّاهُمَا لأَبِيهِ عَلَى مِلْكِ أَبِيهِ إيَّاهُ وَلَكِنْ عَلَى أَنْ لاَ يَخْرُجَ عَنْ قَوْلِ أَبِيهِ فِيهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ مَالُكَ لأَبِيك لَيْسَ عَلَى مَعْنَى تَمْلِيكِهِ إيَّاهُ مَالَهُ وَلَكِنْ عَلَى مَعْنَى أَنْ لاَ يَخْرُجَ عَنْ قَوْلِهِ فِيهِ. وَسَأَلْت ابْنَ أَبِي عِمْرَانَ عَنْهُ فَقَالَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيك كَقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا أَنَا وَمَالِي لَك يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ يَعْنِي بِذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه إنَّمَا أَنَا وَمَالِي لَك يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَانَ مُرَادُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ هَذَا أَيْ أَنَّ أَقْوَالَك وَأَفْعَالَك نَافِذَةٌ فِي وَفِي مَالِي مَا تَنْفُذُ الأَقْوَالُ وَالأَفْعَالُ مِنْ مَالِكِي الأَشْيَاءِ فِي الأَشْيَاءِ فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِسَائِلِهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ جَاءَ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا كَشَفَ لَنَا عَنْ الْمُشْكِلِ فِي هَذَا الْجَوَابِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يُوجِبُ انْتِفَاءَ مِلْكِ الأَبِ عَمَّا يَمْلِكُ الاِبْنُ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَانَ هَذَانِ الْجَوَابَانِ مِنْ هَذَيْنِ الشَّيْخَيْنِ سَدِيدَيْنِ, كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَادٌّ لِصَاحِبِهِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ يَقُولُ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنِّي حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ غَيْرَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَى أَفْقَهَ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى فَقَالَ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ثُمَّ أَدَّاهَا إلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لاَ فِقْهَ لَهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ. حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ السَّلاَمِ عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ الْفِقْهِ الْمَقْصُودِ إلَيْهِ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَا هُوَ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ الْفَهْمُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ مِمَّا حَكَاهُ عَنْ نَبِيِّهِ مُوسَى صلى الله عليه وسلم قَالَ أَفَيَكُونُ كُلُّ فَهِمٍ فَقِيهًا؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يُقَالُ كُلُّ فَهِمٍ فَقِيهٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَقِهَ ذَلِكَ الشَّيْءَ الَّذِي قَدْ فَهِمَهُ; لأَنَّ الْفِقْهَ لَمَّا جَلَّ مِقْدَارُهُ وَتَجَاوَزَ مَقَادِيرَ كُلِّ الأَشْيَاءِ مِنْ الْعُلُومِ خُصَّ أَهْلُهُ بِأَنْ قِيلَ لَهُمْ الْفُقَهَاءُ وَرُفِعُوا بِذَلِكَ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُطْلَقَ لِغَيْرِهِمْ مِنْ ذَلِكَ مَا أُطْلِقَ لَهُمْ مِنْهُ. وَمِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ الْفِقْهُ يَمَانٍ. كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ الإِيمَانُ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ. وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ فَسَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ فِقْهًا وَأَبَانَهُ عَنْ سَائِرِ الأَشْيَاءِ الْمَفْهُومَةِ سِوَاهُ فَلَمْ يُسَمِّهَا فِقْهًا, فَكَذَلِكَ أَهْلُهُ انْطَلَقَ لَهُمْ أَنْ يُسَمَّوْا فُقَهَاءَ وَلَمْ يَنْطَلِقْ لَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ الْفُهَمَاءِ أَنْ يُسَمَّوْا فُقَهَاءَ وَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ كُلَّ فَقِيهٍ فَهِمٌ وَأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ فَهِمٍ فَقِيهًا وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ الْعِصْمَةَ وَالتَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقُرَشِيُّ ثُمَّ الْعَتَّابِيُّ أَبُو خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ لَيْثٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ قَالَ لِي الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ أَلاَ أُقْرِئُك كِتَابًا كَتَبَهُ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْت بَلَى فَأَخْرَجَ لِي كِتَابًا فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا اشْتَرَى الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدِ بْنِ هَوْذَةَ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً، شَكَّ عَبْدُ الْمَجِيدِ، بَيْعَ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلِمِ لاَ دَاءَ وَلاَ غَائِلَةَ وَلاَ خِبْثَةَ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَقَدْ كُنَّا سَمِعْنَا قَبْلَ ذَلِكَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ حَدَّثَنَا بِهِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ إيَّاهُ عَبَّادٌ هَذَا فَمِنْهُمْ أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَاهُ قَالَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادٌ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ حَدَّثَنَاهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إسْرَائِيلَ قَالَ عَبَّادٌ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَاهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ ثُمَّ ذَكَرُوا بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا فِي حَدِيثِهِمْ وَلاَ غَائِلَةَ. فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا الأَدْوَاءَ مَعْقُولَةً أَنَّهَا الأَمْرَاضُ وَوَجَدْنَا الْغَوَائِلَ مَعْقُولَةً أَنَّهَا غَوَائِلُ الْمَبِيعِ مِنْ الأَخْلاَقِ الْمَذْمُومَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا مِنْ الإِبَاقِ وَمِنْ السَّرِقَاتِ وَسَائِرِ الأَحْوَالِ الْمَذْمُومَةِ الَّتِي يُغْتَالُ بِهَا مَنْ سِوَاهُ وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ قَتَلَ فُلاَنٌ فُلاَنًا قَتْلَ غِيلَةٍ. وَمِنْهُ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَنْهَى عَنْ الْغِيلَةِ حَتَّى ذَكَرْت أَنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلاَ يَضُرَّ أَوْلاَدَهُمْ أَيْ مَا يَطْرَأُ عَلَى أَوْلاَدِهِمْ الْمَحْمُولَةِ بِهِمْ مِمَّا يَكُونُ إلَى أُمَّهَاتِهِمْ مِنْ جِمَاعِهِمْ إيَّاهُنَّ وَهُنَّ كَذَلِكَ فَسُمِّيَ ذَلِكَ غَيْلاً; لأَنَّهُ يَأْتِي أَوْلاَدَهُنَّ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ وَبِمَا قَالَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَمِثْلُ ذَلِكَ هَذِهِ الأَشْيَاءُ الَّتِي يَغْتَالُ فِيهَا الْمَمْلُوكُونَ مَالِكِيهِمْ مِنْ الأَجْنَاسِ الَّتِي ذَكَرنَا وَوَجَدْنَا الْخِبْثَةَ قَدْ قَالَ النَّاسُ فِيهَا قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ الشَّيْءُ الْمَذْمُومُ وَهُوَ سَبْيُ ذَوِي الْعُهُودِ الَّذِينَ لاَ يَحِلُّ اسْتِرْقَاقُهُمْ وَلاَ يَقَعُ الإِمْلاَكُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ هَكَذَا كَانَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ يَذْكُرُهُ لَنَا عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ النَّوْعِ, وَلاَ يَحْكِي لَنَا خِلاَفًا فِيهِ. وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا النَّوْعِ فَكَانُوا يَقُولُونَ إنَّ الْخِبْثَةَ هِيَ الأَشْيَاءُ الْخَبِيثَةُ. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ أَنْبَأَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ نَاجِيَةَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ رَحَى الإِسْلاَمِ سَتَزُولُ بَعْدَ خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ أَوْ سِتٍّ وَثَلاَثِينَ أَوْ سَبْعٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً فَإِنْ يَهْلَكُوا فَسَبِيلُ مَنْ هَلَكَ وَإِنْ يَقُمْ لَهُمْ دِينُهُمْ فَسَبْعِينَ عَامًا قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه يَا نَبِيَّ اللَّهِ مِمَّا مَضَى أَوْ مِمَّا بَقِيَ؟ قَالَ لاَ بَلْ مِمَّا بَقِيَ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ تَزُولُ رَحَى الإِسْلاَمِ عَلَى رَأْسِ خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ أَوْ سِتٍّ وَثَلاَثِينَ أَوْ سَبْعٍ وَثَلاَثِينَ فَإِنْ هَلَكُوا فَسَبِيلُ مَنْ هَلَكَ وَإِنْ بَقُوا بَقِيَ لَهُمْ دِينُهُمْ سَبْعِينَ سَنَةً. حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ نَاجِيَةَ الْمُحَارِبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَدُورُ رَحَى الإِسْلاَمِ لِخَمْسٍ وَثَلاَثِينَ أَوْ سِتٍّ وَثَلاَثِينَ أَوْ سَبْعٍ وَثَلاَثِينَ فَإِنْ هَلَكُوا فَسَبِيلُ مَنْ هَلَكَ وَإِنْ يَبْقَ لَهُمْ دِينُهُمْ فَسَبْعِينَ عَامًا قَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّا مَضَى أَوْ مِمَّا بَقِيَ؟ قَالَ مِمَّا بَقِيَ. حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ رَحَى الإِسْلاَمِ سَتَزُولُ بَعْدَ خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ فَإِنْ يَصْطَلِحُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى غَيْرِ قِتَالٍ يَأْكُلُوا الدُّنْيَا سَبْعِينَ عَامًا رَغَدًا وَإِنْ يَقْتَتِلُوا يَرْكَبُوا سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ نَاجِيَةَ الْكَاهِلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ قَبِيصَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ إنَّ رَحَى الإِسْلاَمِ تَدُورُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الآثَارَ لِنَقِفَ عَلَى الْمُرَادِ بِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَكَانَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم تَدُورُ أَوْ تَزُولُ رَحَى الإِسْلاَمِ يُرِيدُ بِذَلِكَ الآُمُورَ الَّتِي عَلَيْهَا يَدُورُ الإِسْلاَمُ وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِالرَّحَى فَسَمَّاهُ بِاسْمِهَا وَكَانَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ أَوْ سِتٍّ وَثَلاَثِينَ أَوْ سَبْعٍ وَثَلاَثِينَ لَيْسَ عَلَى الشَّكِّ وَلَكِنْ عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَا يَشَاؤُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ تِلْكَ السِّنَّيْنِ فَشَاءَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ كَانَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ فَتَهَيَّأَ فِيهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَصْرُ إمَامِهِمْ وَقَبْضُ يَدِهِ عَمَّا يَتَوَلَّاهُ عَلَيْهِمْ مَعَ جَلاَلَةِ مِقْدَارِهِ; لأَنَّهُ مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ حَتَّى كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِسَفْكِ دَمِهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَحَتَّى كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِوُقُوعِ الاِخْتِلاَفِ وَتَفَرُّقِ الْكَلِمَةِ وَاخْتِلاَفِ الآرَاءِ فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ هَلَكُوا عَلَيْهِ لَكَانَ سَبِيلَ مَهْلِكٍ لِعِظَمِهِ وَلِمَا حَلَّ بِالإِسْلاَمِ مِنْهُ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَتَرَ وَتَلاَفَى وَخَلَفَ نَبِيَّهُ فِي أُمَّتِهِ مَنْ يَحْفَظُ دِينَهُمْ عَلَيْهِمْ وَيُبْقِي ذَلِكَ لَهُمْ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ هَذِهِ الآثَارِ فَوَجَدْنَا فِي حَدِيثِ مَسْرُوقٍ مِنْهَا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَإِنْ يَصْطَلِحُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى غَيْرِ قِتَالٍ يَأْكُلُوا الدُّنْيَا سَبْعِينَ عَامًا رَغَدًا. وَوَجَدْنَا مَكَانَ ذَلِكَ فِي حَدِيثَيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَالْبَرَاءِ بْنِ نَاجِيَةَ فَإِنْ يَبْقَ لَهُمْ دِينُهُمْ فَسَبْعِينَ عَامًا وَكَانَ ذَلِكَ قَدْ جَاءَ مُخْتَلِفًا فِي حَدِيثِ مَسْرُوقٍ وَحَدِيثَيْ صَاحِبَيْهِ فَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ مَسْرُوقٍ أَوْلاَهُمَا وَأَشْبَهَهُمَا بِمَا جَرَتْ عَلَيْهِ أُمُورُ النَّاسِ مِمَّا فِي حَدِيثَيْ الآخَرَيْنِ; لأَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ مَسْرُوقٍ: فَإِنْ يَصْطَلِحُوا بَيْنَهُمْ عَلَى غَيْرِ قِتَالٍ يَأْكُلُوا الدُّنْيَا سَبْعِينَ عَامًا رَغَدًا, وَلَمْ يَصْطَلِحُوا عَلَى غَيْرِ قِتَالٍ فَتَكُونُ الْمُدَّةُ الَّتِي يَأْكُلُونَ الدُّنْيَا فِيهَا كَذَلِكَ سَبْعِينَ عَامًا ثُمَّ تَنْقَطِعُ فَلاَ يَأْكُلُونَهَا بَعْدَهَا وَلَكِنْ جَرَتْ أُمُورُهُمْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يَنْقَطِعُ مَعَهُمْ الْقِتَالُ فَكَانَ ذَلِكَ رَحْمَةً مِنْ اللَّهِ لَهُمْ وَسَتْرًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ فَجَرَى عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَأْكُلُوا الدُّنْيَا بِلاَ تَوْقِيتٍ عَلَيْهِمْ فِيهِ وَكَانَ مَا فِي حَدِيثَيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْبَرَاءِ بْنِ نَاجِيَةَ يُوجِبُ خِلاَفَ ذَلِكَ وَيُوجِبُ انْقِطَاعَ أَكْلِهِمْ الدُّنْيَا بَعْدَ سَبْعِينَ عَامًا وَقَدْ وَجَدْنَاهُمْ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَكَلُوهَا بَعْدَ ذَلِكَ سَبْعِينَ عَامًا وَسَبْعِينَ عَامًا وَزِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ وَدِينُهُمْ قَائِمٌ عَلَى حَالِهِ. فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ كَمَا رَوَاهُ مَسْرُوقٌ فِيهِ لاَ كَمَا رَوَاهُ صَاحِبَاهُ; لأَنَّهُ لاَ خُلْفَ لِمَا يَقُولُهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ جَمِيعًا قَالاَ ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَزِدْهُ الإِسْلاَمُ إِلاَّ شِدَّةً. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ الطَّرَسُوسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. فَاخْتَلَفَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ عَلَى زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرنَا فِي اخْتِلاَفِهِمَا فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ الَّذِي تَمِيلُ إلَيْهِ الْقُلُوبُ فِيهِ مَا رَوَاهُ عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا لِثَبْتِهِ وَحِفْظِهِ وَجَلاَلَةِ مِقْدَارِهِ فِي الْعِلْمِ حَتَّى لَقَدْ قَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ فِيهِ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ سُرَيْجٍ النَّقَّالُ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ مَا بِالْكُوفَةِ أَحَدٌ أَثْقَلَ عَلَيَّ خِلاَفًا مِنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَكَفَى بِرَجُلٍ يَقُولُ فِيهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ. حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ التَّوْأَمِ الضَّبِّيِّ قَالَ سَأَلَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْحِلْفِ قَالَ لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ وَلَكِنْ تَمَسَّكُوا بِحِلْفِ الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَدْ حَالَفَ فِي الإِسْلاَمِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَاهُ الْمُزَنِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ, عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, قَالَ: حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِنَا, فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ فَقَالَ حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ فِي دَارِنَا قَالَ سُفْيَانُ فَسَّرَتْهُ الْعُلَمَاءُ آخَى بَيْنَهُمْ. قَالَ فَلَمْ يَلْتَفِتْ هَذَا الْمُعَارِضُ الَّذِي ذَكَرنَا إلَى مَا حَكَيْنَاهُ لَهُ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ حَكَاهُ عَنْهُمْ وَقَالَ قَدْ جَاءَ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا يُخْبِرُ أَنَّهُ قَدْ كَانَتْ مُحَالَفَةٌ فِي الإِسْلاَمِ وَذَكَرَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَذَلِكَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا قَالَ أَنْبَأَ هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ الْحَمَّالُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنِي إدْرِيسُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ عَنْ ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو, قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ قَامَ خَطِيبًا, فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ, إنَّهُ مَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ, فَإِنَّ الإِسْلاَمَ لَمْ يَزِدْهُ إِلاَّ شِدَّةً, وَلاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ. وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَهْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ, عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَأَخْبَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إنَّمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَاَلَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ رضوان الله عليهم مِنْ الْمُؤَاخَاةِ بَيْنَهُمْ الَّتِي حَالَفَ بَيْنَهُمْ فِيهَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ مِمَّا ذَكَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو نَاسِخًا لِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ قَوْلِهِ لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ حِلْفٌ إلَى أَنْ قَبَضَهُ اللَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ. فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رُوِيَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: إنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ لِلَّذِينَ يَتَبَنَّوْنَ رِجَالاً غَيْرَ آبَائِهِمْ, فَيُوَرِّثُونَهُمْ, فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ أَنْ يُجْعَلَ لَهُمْ نَصِيبٌ فِي الْوَصِيَّةِ, وَجَعَلَ الْمِيرَاثَ لِلرَّحِمِ وَالْعَصَبَةِ, وَأَبَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَ لِلْمُدَّعِينَ مِيرَاثًا, مِمَّنْ ادَّعَاهُمْ وَتَبَنَّاهُمْ, وَلَكِنْ جَعَلَ لَهُمْ نَصِيبًا فِي الْوَصِيَّةِ, مَكَانَ مَا تَعَاقَدُوا فِيهِ مِنْ الْمِيرَاثِ, الَّذِي رَدَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ أَمْرَهُمْ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ, بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ, أَنَّ الَّذِي رَوَيْنَاهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ عِنْدِنَا أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الآيَةِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. بَلْ فِي الآيَةِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ, وَعَلَى خِلاَفِ مَنْ خَالَفَهُ; لأَنَّ فِيهَا: وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ. وَقَدْ كَانَ التَّحَالُفُ فِيهِ أَيْمَانٌ وَالتَّدَعِّي وَالتَّبَنِّي لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا أَيْمَانٌ, فَكَانَ ذَلِكَ مَعْقُولاً بِهِ أَنَّ التَّأْوِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الآيَةِ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ فِي تَأْوِيلِهَا, وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ وَأَبُو أُمَيَّةَ جَمِيعًا قَالاَ ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ, قَالَ سَمِعْت ابْنَ شِهَابٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ, أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه خَرَجَ تَاجِرًا إلَى بُصْرَى وَمَعَهُ نُعَيْمَانُ وَسُوَيْبِطُ بْنُ حَرْمَلَةَ, وَكَانَ سُوَيْبِطٌ عَلَى الزَّادِ فَجَاءَهُ نُعَيْمَانُ, فَقَالَ: أَطْعِمْنِي. قَالَ: لاَ حَتَّى يَأْتِيَ أَبُو بَكْرٍ, وَكَانَ نُعَيْمَانُ رَجُلاً مِضْحَاكًا مَزَّاحًا, فَقَالَ: لاَُغِيظَنَّكَ. فَذَهَبَ إلَى أُنَاسٍ جَلَبُوا ظَهْرًا, فَقَالَ: ابْتَاعُوا مِنِّي غُلاَمًا عَرَبِيًّا فَارِهًا, وَهُوَ رَعَّادٌ وَلِسَانٌ, وَلَعَلَّهُ يَقُولُ: أَنَا حُرٌّ فَإِنْ كُنْتُمْ تَارِكِيهِ لِذَلِكَ, فَدَعُوهُ لِي لاَ تُفْسِدُوا عَلَيَّ غُلاَمِي, فَقَالُوا: بَلْ نَبْتَاعُهُ مِنْك بِعَشْرَةِ قَلاَئِصَ, فَأَقْبَلَ بِهَا يَسُوقُهَا, وَأَقْبَلَ بِالْقَوْمِ حَتَّى عَقَلَهَا, ثُمَّ قَالَ: دُونَكُمْ هَذَا فَجَاءَ الْقَوْمُ فَقَالُوا: قَدْ اشْتَرَيْنَاك. فَقَالَ سُوَيْبِطٌ: هُوَ كَاذِبٌ, أَنَا رَجُلٌ حُرٌّ. قَالُوا: قَدْ أَخْبَرَنَا خَبَرَك, فَطَرَحُوا الْحَبْلَ فِي عُنُقِهِ وَأَخَذُوهُ, فَذَهَبُوا بِهِ, فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ, فَذَهَبَ هُوَ وَأَصْحَابٌ لَهُ, فَرَدَّ الْقَلاَئِصَ وَأَخَذُوهُ, قَالَ: فَضَحِكَ مِنْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ حَوْلاً. فَقَالَ قَائِلٌ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ, مِمَّا ذُكِرَ فِيهِ مِمَّا فَعَلَهُ نُعَيْمَانُ بِسُوَيْبِطٍ حَوْلاً. فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى إبَاحَةِ تَرْوِيعِ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ عَلَى الْمُزَاحِ بِمِثْلِ هَذَا. قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: وَمِثْلُ هَذَا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَذَكَر مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ عَلْقَمَةَ بْنَ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيَّ عَلَى خَيْبَرَ, فَبَعَثَ سَرِيَّةً, وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ, وَكَانَ رَجُلاً فِيهِ دُعَابَةٌ وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ نَارٌ قَدْ أُجِّجَتْ, فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: أَلَيْسَ طَاعَتِي عَلَيْكُمْ وَاجِبَةً. قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَقُومُوا فَاقْتَحِمُوا هَذِهِ النَّارَ, فَقَامَ رَجُلٌ حَتَّى يَدْخُلَهَا, فَضَحِكَ وَقَالَ: إنَّمَا كُنْت أَلْعَبُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, فَضَحِكَ فَقَالَ: أَمَا إذَا قَدْ فَعَلُوا هَذَا فَلاَ تُطِيعُوهُمْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو, فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ, غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: عَلْقَمَةُ بْنُ مُحَزِّزٍ بِالْحَاءِ. قَالَ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِثْلُ مَا فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ, وَلَمْ يُنْكِرْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَاعِلِهِ, فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إبَاحَةِ مِثْلِهِ عَلَى الْمُزَاحِ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ, بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ, أَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ إبَاحَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا ذُكِرَ فِيهِمَا أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَهُ أَحَدٌ بِأَحَدٍ, وَإِنَّمَا فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ مِنْهُمَا, ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ, مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ حَوْلاً. كَمِثْلِ مَا قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ يَتَحَدَّثُونَ بِأُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ, فَيَضْحَكُ أَصْحَابُهُ مِنْ ذَلِكَ بِمَحْضَرِهِ مِنْ غَيْرِ نَهْيٍ مِنْهُ إيَّاهُمْ عَنْ ذَلِكَ, وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الأَفْعَالُ لَيْسَ بِمُبَاحٍ لَهُمْ فِعْلُ مِثْلِهَا فِي الإِسْلاَمِ. كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ, عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ, قَالَ: جَالَسْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ, فَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ وَيَذْكُرُونَ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَرُبَّمَا يَتَبَسَّمُ مَعَهُمْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنْعِ مِنْ تَرْوِيعِ الْمُسْلِمِ, مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لاَ يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ صَاحِبِهِ لاَعِبًا وَإِذَا أَخَذَ أَحَدُكُمْ عَصَا صَاحِبِهِ فَلْيَرُدَّهَا إلَيْهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالسَّائِبُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ هَذَا هُوَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ الْكِنْدِيُّ أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ مُعَاوِيَةَ حَلِيفٌ فِي قُرَيْشٍ وَهُوَ ابْنُ أُخْتِ النَّمِرِ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى نَسْخِ أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ بِالآخَرِ مِنْهُمَا؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ, أَنَّ الدَّلِيل عَلَى الْمَنْسُوخِ مِنْهُ مَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِي لَيْلَى الأَنْصَارِيِّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ فَأَخَذَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ كِنَانَةَ رَجُلٍ, فَغَيَّبُوهَا لِيَمْزَحُوا مَعَهُ, فَطَلَبَهَا الرَّجُلُ, فَفَقَدَهَا, فَرَاعَهُ ذَلِكَ, فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ مِنْهُ, فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا أَضْحَكَكُمْ؟ قَالُوا: لاَ وَاَللَّهِ إِلاَّ أَنَّا أَخَذْنَا كِنَانَةَ فُلاَنٍ لِنَمْزَحَ مَعَهُ فَرَاعَهُ ذَلِكَ, فَذَلِكَ الَّذِي أَضْحَكَنَا. فَقَالَ: لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ذَكَرَ مَا فَعَلَهُ الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ فِيهِ مِنْ أَخْذِ كِنَانَةِ صَاحِبِهِ لِيَرْتَاعَ بِفَقْدِهَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ مُبَاحٌ لَهُ, فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا فَكَانَ قَوْلُهُ ذَلِكَ لَهُ بَعْدَ فِعْلِهِ مَا فَعَلَهُ, مِمَّا هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا كَانَ فَعَلَهُ نُعَيْمَانُ بِسُوَيْبِطٍ, وَمَا كَانَ فَعَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فِي حَدِيثِ عَلْقَمَةَ الْمُدْلِجِيِّ بِأَصْحَابِهِ لِيَضْحَكُوا مِنْ ذَلِكَ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ أَبِي لَيْلَى لِفَاعِلِ مَا ذَكَرَ فِعْلَهُ إيَّاهُ فِيهِ: لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا. فَكَانَ ذَلِكَ تَحْرِيمًا مِنْهُ لِمِثْلِ ذَلِكَ وَنَسْخًا لِمَا كَانَ قَدْ تَقَدَّمَهُ, مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ, مِمَّا تَعَلَّقَ بِهِ مَنْ تَعَلَّقَ مِمَّنْ يَذْهَبُ إلَى إبَاحَةِ مِثْلِهِ, إنْ كَانَ مُبَاحًا حِينَئِذٍ, وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
|